متحف البحرين الوطني

أبرز ما ينتظرك

اكتشف بعض أسرار تلال المدافن وحضارة دلمون

أي زائر للبحرين ستثير فضوله الأعداد الهائلة من تلال المدافن المنتشرة في المناطق الشمالية والغربية من البحرين والتي تشكل أكبر مقبرة تاريخية في العالم، حيث كانت تضم ما يقرب من 80 ألف مدفن – قبل انحسارها نتيجةً للتمدد العمراني - ونظراً لتفردها وقيمتها الأثرية تم إدراجها على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2019.

ويسعى المتحف عبر قاعة المدافن، لإماطة اللثام عن بعض أسرار هذه المدافن، حيث يعرض نماذج مدافن حقيقية تم نقلها من مواقعها الأصلية للمتحف لإتاحة الفرصة للتعرّف عليها عن قرب، كما يحوي معلومات وافية عن تاريخ هذه المدافن وطقوس الدفن وطريقته وما تعكسه هذه المدافن على المستوى الاجتماعي والسياسي وغير ذلك.

بُنيت هذه المدافن بين حوالي 2250 إلى 1700 قبل الميلاد تقريباً، ونظراً لعدم وجود نصوص مكتوبة تؤرخ لهذه المرحلة، فإن هذه المدافن تُمثّل مادة خصبة للبحث والتنقيب والتحليل سعياً لرسم بعض ملامح هذه المرحلة المهمة والغامضة من تاريخ البحرين، حيث تتميز مدافن دلمون باتباعها لعادات دفن فريدة مثل وضع جسد المتوفى بطريقة تشبه وضعية الجنين في بطن أمه، كما تحتوي المدافن على بعض المواد الغذائية أو القرابين الجنائزية، وهو ما يشير لسيادة الاعتقاد بوجود حياة أخرى بعد الموت. ويُشير تشابه المدافن في بعض الفترات التاريخية واختلافها في فترات أخرى إلى وجود نظام سياسي يدعم المساواة في الحالة الأولى ونظام سياسي طبقي في الحالة الثانية، فهناك مدافن فردية بُنيت بطريقة بدائية ويبدو أنها لعامة الناس، وهناك مدافن بُنيت بطابقين ويبدو أنها للزعماء والشخصيات البارزة، وأخرى ضخمة وتضم قرابين فاخرة يبدو أنها للملوك؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن اللقى والجرار التي يتم اكتشافها داخل المدافن توفر بعض الإشارات عن الحضارات التي كانت على صلة بحضارة دلمون في البحرين حينها، فعلى سبيل المثال عثر على لقى مستوردة من بابل (العراق) ومجان (عمان والإمارات). أما قاعة دلمون فتعرض تشكيلة واسعة من المكتشفات التي عُثر عليها في مواقع أثرية متعددة في البحرين مثل الطوابع والأختام الدلمونية والقطع الفخارية التي تحكي بعضاً من سيرة حضارة دلمون العريقة في البحرين.

ويعود ذكر دلمون للألفية الرابعة قبل الميلاد وذلك في نصوص تعود لحضارات بلاد ما بين النهرين (العراق)، وفي الألفية الثالثة قبل الميلاد أصبحت البحرين مركز دلمون الرئيسي والسياسي ومرفأ وسوقاً مهمة نظراً لموقعها الاستراتيجي في قلب الخليج العربي الذي يعتبر ملتقى طرق التجارة بين الشرق الأدنى القديم ووادي السند.

البحرين كميناء للأسطول اليوناني والاكتشافات الإسلامية

يعرض المتحف في قاعة تايلوس والإسلام مجموعة من الأواني الخزفية والزجاجية والمجوهرات التي ترجع لفترة تايلوس في البحرين والتي عرفت في المملكة منذ القرن الثاني قبل الميلاد، حيث تؤكد هذه المكتشفات على التنوّع الثقافي الذي كان سائداً في البحرين في تلك الفترة، حيث كانت البحرين حينها على اتصال بأجزاء مختلفة من الشرق الأدنى، كما كانت تستخدم كميناء للأسطول العسكري اليوناني في منطقة الخليج العربي. وتعرض هذه القاعة أيضاً بعض مكتشفات مسجد الخميس الذي يعتبر من أقدم المساجد في البحرين والخليج العربي، ومن أبرز هذه المعروضات شواهد القبور أو ما يعرف بالساجات التي توضع على القبور وتكون على شكل صخرة كبيرة ذات شكل مستطيل مدوّن عليها اسم صاحب القبر وبعض آيات القرآن الكريم المنحوتة على الصخر ومكتوبة بخط رائع، كما تعرض القاعة بعض العملات المدنية مثل الدرهم الأموي الذي ضرب في عهد عبد الملك بن مروان سنة 81 للهجرة.

تعرف على عادات وحرف البحرينيين قبل النفط

يعرض المتحف مجسمات مذهلة تبدو وكأنها حقيقية تمثل عادات وتقاليد وحرف البحرين التقليدية قبل اكتشاف النفط عام 1931، فهناك السوق الشعبي بمحلاته وحرفييه وبضاعته، والبيت الذي يتصف بسعة فنائه وسحر مقتنياته التراثية، والنساء بلباسهن وحليهن التقليدية وغير ذلك الكثير.

وما يميز المتحف كذلك هو الكنز المعرفي الذي يقدمه لمرتاديه فيما يتعلق بالمعروضات المتنوعة، فلا يكتفي بمجرد العرض وإنما يقرنه بمعلومات وافرة عن حياة البحرينيين وعاداتهم وتقاليدهم وحرفهم في تلك المرحلة، حيث يعرض المتحف كذلك مجموعة من المخطوطات النادرة والمصاحف القديمة بالإضافة لوثائق مهمة من عهد أسرة آل خليفة الحاكمة.

المتحف كصرح ثقافي رائد

يعتبر المتحف أحد الصروح الثقافية البارزة في البحرين حيث يستضيف العديد من الفعاليات المحلية والإقليمية والدولية على مدار العام، ويستقبل المتحف مجموعة من المعارض الخارجية سنوياً، كما يشارك في معارض دولية خارجية ويقيم أنشطة متنوعة أثرية وتراثية وفنية مثل معارض الفنون التشكيلية أو العملات القديمة بالإضافة إلى المحاضرات والحلقات النقاشية الشهرية، كما يتميز المتحف بفعالياته التعليمية الخاصة بالأطفال مثل الرسم والتصوير وصناعة المنتجات التقليدية والكتابة المسمارية وسرد قصة وأسطورة، بالإضافة لفعالية معرض المتحفي الصغير والتي تتيح للأطفال فرصة تجربة التنقيب وترميم الآثار.